الخميس، 19 يناير 2017

مكالمة العمة - الأخيرة

و بما كنت أفكر .. كنت متأكدة أن تخيلى للقصة سيكون صحيحا .. وها هى دادا كريمة تؤكد القصة .. هذه الفتاه التى تدعى ريم تزوجها ابى ثم ماتت .. داوت أمى حبيبتى جراح أبى و أسعدت قلبه و لكنها ماتت سريعا فى ولادتى .. مسكينة أمى .. و مسكين أبى فقد الحبيبتين .. و لكن يبقى اللغز .. لما قام أبى بتسميتى ريم ؟؟ و كيف وافقت جدتى ؟ لِم لمْ يسمينى ضحى .. على إسم أمى .. لكننى لن أسأله .. لن أفتح الجرح ..



*****

يالها من ليلة طويلة..
مال هؤلاء اﻷغنياء .. تصعب معاشرتهم أكثر مما تصعب خدمتهم .. ها أنا ذا .. أخدم فى هذه الفيلا العريقة من قرابة اﻷربعين عاما .. منذ كنت فى الخامسة عشر جئت لهذا المنزل .. كنت نعم الخادمة لهم .. سمعا و طاعة .. و لهذا إستقر بى الحال كل هذه السنين ..  تم ترقيتى منذ فترة و أصبحت رئيسة الخدم .. أهل المنزل يثقون فى ثقة عمياء.
ياااه ..ذكريات سنين كثيرة جدا مضت على كل هذا .. حتى جاءت ريم الصغيرة وفتحت كتاب الذكريات .. رأيت فى عين ريم بنت اﻷغنياء و حفيدة أغنى اﻷغنياء أنها تريد أن تسمع ما تخيلته الحقيقة .. فقدمت لها ما تريد .. لم تتعود هى ألا تجاب طلباتها وألا تنفذ أوامرها ..لم أستطع أن أخبر الصغيرة أو باﻷحرى لم أرد أن أهدم كل شىء .. 

هل كنت ستسامحنى لو أخبرتها أن أمها كانت شيطانة صغيرة ؟

لم أرد أن أخبرها بتلك الليلة التى إجتمعت فيها أمها مع والدتها و خالتها مدام هدى .. ليدبرون المكيدة و يضعون الخطة ..

فجأة و بدون مقدمات منطقية أعلنت ضحى رغبتها فى الزواج من على .. رغم أنها هى من فرطت بحبه قبل سنوات .. و لم تلق بالا بمشاعره حينها .. و لكن ما أن رأته يستغنى عنها .. يخطب ريم ويستقر فى زواجه .. حتى ثار كبريائها .. ليست هى من تقبل الهزيمة من فتاه مثل ريم .. ولا ترى أحد أحق منها بعلى .. لا أحد أحق منها بأى شىء .. 

 لم أخبرها عن مكالمة مدام هدى لوالدها أن يحضر مسرعا لحدث جلل .. و إدعائها كذبا بمرض ضحى .. حتى يجبروا المسكين على بالزواج من ضحى المدللة ..

كيف إنسحبت ريم بهدوء من الحياه .. من حياتنا تحديدا.. فبهدوء شديد طلبت الطلاق .. لم تتحمل فكرة أن يتزوج حبيبها بضحى و خصوصا عندما إجتمعت سيدات المنزل لتطفيشها بكل الوسائل .. كانت مستعدة للتضحية و تحمل كونها الزوجة اﻷولى .. لكن المكائد و المنغصات هى التى لم تتحملها .. لكم كانت بريئة
عادت إلى بيت أهلها .. ثم جبر الله كسرها و دبت السعادة فى حياتها حينما أنعم الله عليها بزوج محترم .. لقد عانت اﻷمرين بعد طلاق على .. و عاشا عاما قاسيا .. ولكن كل شىء إنتهى .. أخر ما سمعت عنها أنها سافرت مع زوجها إلى دولة أوروبية و إستقرت بها الحياه فى خير حال .. الحمد لله .. الله كريم.

كيف كنت سأخبرك يا صغيرة عن تلك الليلة التى إكتشف فيها أبوك الخيانة التى دبرتها العمة و أمك ..

خطبة أمك و أبوك إستمرت شهرا ..تعللا بضرورة اﻹسراع فى إتمام الزواج و بعد أقل من شهر حملت أمك بك يا صغيرتى .. ساورت على الشكوك عندما شعر بإستقرار حالتها الصحية .. لكن لم يلق بالا حتى شاء الله أن يسمع حديث مدام هدى و أمك و جدتك .. يومها صب جام غضبه و لعناته على الثلاث .. ظل يصرخ و يصرخ .. هاجم والدتك و كاد يقتلها .. تدهورت حالتها و نقلت للمشفى و هناك وضعتك قبل الميعاد المفترض لولادتك .. لم يرحم أبوك ضعفها ابدا ..
سمعت رواية لم أحب أن أخض فيها أبدا .. و هى أن أمك إنتحرت فى المستشفى بعد أن طلقها أبوك هناك .. لكن قلبى لم يتحمل كل هذه الغصة فأقنعت نفسى أنها ماتت بسبب الولادة المبكرة و سوء حالتها بعد المواجهه
لكم حاول على أن يسترد ريم .. و أسماكى على أسمها حتى يحاول إقناعها .. لكنها كانت أذكى من أن ترمى بنفسها فى وسط هذه العائلة المجنونة .. ليتنى إستطعت أن أهرب من هنا يوما ..
هربت ريم وعاشت حياتها .. و تركت أبوك وحيدة وسط كل هذا الهم ..حتى العمة هدى هربت .. سافرت لعدة سنوات هربا .. العمة سلوى ماتت حزنا على ابنتها الوحيدة .. و لم يبق سوى العمة زهرة و أبيك و أنت يا ريم ..

خشيت أن تسألينى لم أسماكى أبوكى بإسم حبيبته الأولى .. لكان من المنطقى أن يسمكى على إسم المرحومة أمك ..
لم أكن أستطيع الإجابة .. فلا ترهقينى مجددا يا صغيرة .. يا لها من ليلة طويلة ..

لم أخبرك كل هذا .. و بما يفيد .. ليتنى أنسى أنا ..

#النهاية