السبت، 14 ديسمبر 2013

حبات مطر .. و عقلة الإصبع

وقفت خلف نافذتى الزجاجية أراقب حبات المطر
تذكرت كيف كنت طفلة صغيرة أرسم حبات المطر عمودية على صفحتى البيضاء ..لأنها بديهياً عمودية على الأرض .. و ها أنا كبرت لأعلم أن الأمور لا تسير بهذه المثالية أبداَ ..

الهواء يدفع حبات المياة لتميل عن طريقها المستقيم .. فتصطدم بزجاج نافذتى و تصدر صوتاً منتظماً .. يأخذنى إلى أماكن أبعد ..

أتخيل نفسى عقلة الأصبع  بجناحين لأطير مع حبات المطر .. أدق على النوافد و أدخل للبيوت .. أتأمل أحوال البشر .. و كيف  يستقبلون المطر ..

أرى ربة المنزل تنزعج من الطين الذى سيتراكم بالشرفات .. و الملابس التى نشرتها لتجف و لن تجف .. لكم هى مستآءة أن ملابس الصغير لم تجف بعد ..

أرى الشابة الرقيقة تنظر إلى حبات المطر .. تُحمّلها رسائل الشوق إلى حبيبها الغائب ..  لعل هذه السحابة سوف تمر فوق أرضه فى طريقها ..


أرى أم تنهمر دموعها  كالمطر الذى بدأ يتسرب إلى منزلها من السقف الخشبى الهزيل .. كيف ستحمى أطفالها ؟

أرى زوجين حبيبين جلسا ليتأملا المطر .. و يستعيدوا ذكريات أربعين عاماً مروا على أول لقاء ..  كانت السماء يومها تمطر .. و كأن رزق الحب أتى مع رزق المطر ليملأ قلبيهما كما تملاء مياه المطر الجداول الصغيرة .. فتنتشر الخضرة و يعم الخير ..

و زوجين شابين أخرين .. يجرون فى الشوارع المبتلة .. يتضاحكون و يصرخون .. و كأن لا أحد يراهما ..  ربما أنه جنون الحب ؟

أرى موظف بسيط .. اصلع الرأس .. يحاول تغطية رأسه كى لا يصيبه المرض .. و يضطر الغياب عن العمل .. و الغياب عن العمل قدر ما هو محبب إلى نفسه الكسولة .. إلا إنه سيأتى بالمرتب ناقصاً .. و هو ما لن تقبله منه أم الأولاد أبداً ..


أرى طلاب الثانوية .. يتقاقفزون فى الشارع لينالهم قسط من الدفأ .. ثم يتمتم أحدهم ... " هندخل نتكربس فوق بعض عند المستر و هندفا  " ..

أرى كل هؤلاء .. و غيرهم .. تحت المطر ..

و أعود مرة أخرى إلى غرفتى ..