السبت، 19 أكتوبر 2013

البخيل و هم

هو بخيل .. 

رغم أن مظهره جيداً .. بل جيداً جداً ... إلا أنه بخيل ! 

هكذا وُصِمَ منذ أعوامٍ كثيرة ... منذ أن كان إبن خالتى فى الخامسة ..  حينها أعطاه عيدية  قليلة جداً ..  إحتقرها الجميع لأنها لا تليق بمركزه المرموق .. لكنه  وُصِمَ  بالبخل منذ حينها .. و لم يجد مخرجاً 

لربما أنه ظن أن إبن خالتى طفلاً صغيراً لا يعٍ المال .. ربما أنه نسى ماله  فى المنزل  و لم يكن معه سواها .. ربما أنه لم ينتبه للورقة المالية حينها أخرجها من محفظة نقودده ...  لكنه أصبح بخيل ..  أو " حريص " 

سيارته الفارهه لم ترفع عنه الوصمة !! بل زادتها !  لأنها كانت "فارهه " فقط  و لم تكن " فارهه جداً " لتليق بمكانته العالية .. 

و هكذا كان حذاؤه و ملابسه و هداياه دائماً ما تلتوى لتُزيد من إلتصاق التهمة به .. عمو " الحريص " 


كنت دائماً أتأمل هذه القصة الساذجة اللتى طالما ما تتكرر دائماُ  و أبداً فى مناسبات عائلية متنوعة !  و لكننى لم أكن أستطع أو بمعنى أدق لم أكن أرغب فى الجدال .. الذى لا يفيد 

و دام الحال أعواماً كثيرة ..  

حتى جاءت مناسبة عائلية خاصة بــ " عمو " .. توقف فيها الجميع عن ذكر القصة  و عن وصفه بالحريص .. لأنه أصبح آلان فى ذمة الله ..  و علينا أن نذكر محاسن موتانا .. و كونه " حريصاً " لا يُعد من المحاسن ! 

وسط دموع الجميع .. كانت زوجته تنتحب .. و تتمتم بكلمات لفتت إنتباهى بشده .. حتى تركت مقعدى لأجلس بجوارها و أستعلم منها .. 

ظلت تحكى لى عن معاناته اللتى إستمرت أعواماً طويلة .. مع السرطان ...  و كيف أنه دائماُ ما كان محافظاً على هيئته و إبتسامته مهما إستنزفه المرض نفسياً و مادياً .. لكى لا يعلم أحد بمرضه .. و يتألم بألمه ... 

كان يخبرها دائماً  أن " كل واحد فيه اللى مكفيه .. كل واحد كفاية عليه مشاكله .. هنشيل الناس همنا ليه ..  خلينا فى حالنا و قافلين علينا و على اللى فينا .. محدش ناقصنا .. " 

و إنهمرت دموعى .. ..